السفيرة نائلة جبر: «الأطفال المهاجرون غير المصحوبين» يقعون في يد شبكات إجرامية
• حوار: شيماء عبدالباقي – مريم سمير
تتوالى جهود الدولة لمواجهة الهجرة غير الشرعية للمراهقين والتي لم تعد مجرد ظاهرة، بل أصبحت أزمة تهدد مستقبل أجيال في سن يفترض الاشتغال أثناءها بالتعليم وبناء المهارات، يجد بعضهم أنفسهم ضحايا لوهم السفر بحثًا عن حياة أفضل، بينما الحقيقة تحمل لهم مخاطر الاستغلال والانتهاكات، وأحيانًا الموت في رحلات محفوفة بالمخاطر قد تنتهي بمصير مأساوي.
اليوم، نفتح هذا الملف مع السفيرة نائلة جبر، رئيس اللجنة التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، لنناقش أسباب تفشي هذه الظاهرة بين المراهقين، والتحديات التي تواجهها الدولة في مكافحتها، وأهم الحلول لحماية الشباب من الوقوع في فخ شبكات التهريب والاستغلال، وإلى نص الحوار…
في البداية، ما الأسباب التي تدفع المراهقين إلى التفكير في الهجرة خلال الفترة الأخيرة بشكل أكبر مقارنة بأي فترة سابقة؟
الأهالي هم المحرك الأول وراء اندفاع الأبناء نحو الهجرة غير الشرعية، إذ يشجعونهم على خوض هذا الطريق بحثًا عن مستقبل أفضل.
وفي الوقت نفسه، تلعب منصات التواصل الاجتماعي والأصدقاء دورًا محوريًّا في ترسيخ هذا الحلم، إذ ترسم صورة وردية للحياة في الخارج، وتصورها كجنة الفرص السهلة والمكاسب السريعة؛ مما يدفع الشباب إلى الإقدام على هذه الخطوة من دون إدراك حقيقي لمخاطرها وتحدياتها.
بماذا تُعرّفين هجرة المراهقين غير الشرعية؟
تُعرّف هجرة المراهقين بمصطلح «هجرة الأطفال غير المصحوبين»، وهي تعتمد على أن بعض الدول الأوروبية أو معظمها لا تسمح بترحيل الأطفال من دون سن الثامنة عشرة.
هل توجد قوانين مصرية تحارب هجرة الأطفال غير المصحوبين؟
بالطبع، من خلال القانون المصري رقم 82، المادة 3 لسنة 2016، الذي سمح لمجلس الطفولة والأمومة بتولي دور الوصي على الطفل في حالة تهريبه ثم إعادته إلى مصر.
وما الفرق بين جريمتي الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين؟
الفرق كبير جدًّا، جريمة الاتجار بالبشر تقع داخل الدولة أو عبر حدودها الوطنية، وتنطوي على الإكراه، وبها استغلال واضح للضحية، وهي جريمة ضد الأفراد وليس الدول، وقانون مكافحة جريمة الاتجار هو قانون 64 لسنة 2010.
أما تهريب المهاجرين، فهو جريمة لابد أن تكون من دولة إلى أخرى عبر الحدود بشكل قانوني أو غير قانوني، وتكون بالاتفاق بين الأشخاص لتحقيق منفعة مادية أو معنوية وتعدُّ صفقة بين المُهاجر والمُتهرب وتنتهي فور الوصول، وتعدُّ أيضًا جريمة ضد سيادة الدولة بأكملها، وقانون مكافحتها هو قانون 82 لسنة 2016 بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين والمعدل بقانون 22 لسنة 2022.
ما مدى تأثير هجرة المراهقين على المجتمع المصري؟
على الرغم من أن أعداد المراهقين الذين يهاجرون ليست كبيرة مقارنةً بالفئات العمرية الأخرى، فإن تأثير هذه الظاهرة على المجتمع يظل سلبيًّا وعميقًا. فالهجرة غير الشرعية تعرض حياة المراهقين للخطر و تترك أثارًا اجتماعية و اقتصادية علي أسرهم و مجتماعتهم المحلية. يرفض الجميع هذه الظاهرة بشدة لأنها تتعارض مع القيم الدينية و العادات و التقاليد التي تحث علي الاستقرار وبناء المستقبل داخل الوطن. ولذلك،تتكاثف الجهود المجتمعية و المؤسسية لمواجهة هذه الظاهرة من خلال التوعية بمخاطرها و توفير البدائل الآمنة التي تضمن مستقبلًا كريمًا للشباب داخل بلدانهم.
ما الجهود التي تبذلها الدولة للتصدي لظاهرة هجرة المراهقين ومواجهتها؟
تبذل الدولة جهودًا كبيرة في توعية المراهقين والشباب بفرص العمل والتعليم المتاحة، وذلك من خلال تطوير التعليم الفني، الذي بات مطلوبًا بشكل متزايد في السنوات الأخيرة، مما يتيح لهم فرصًا وظيفية واعدة.
كما تنظم الدولة مؤتمرات سنوية، مثل مؤتمر الشباب الذي يُعد من أبرز وسائل التوعية، حيث يتم خلاله اختيار سفراء من الشباب لتمثيل أقرانهم، والمساهمة في نشر الوعي حول البدائل المتاحة للهجرة غير الشرعية.
ما الإجراءات التي ينبغي للمواطن المصري اتخاذها إذا لاحظ قيام أحد معارفه بمحاولة الهجرة بطرق غير شرعية؟
يجب عليه أن يتصل بالخط الساخن للمجلس القومي للطفولة والأمومة (01600)، والمجلس القومي لحقوق الإنسان (15508)، والمجلس القومي للمرأة (15115)، ولا يتم الإفصاح عن شخصية المتصل أبدًا.
ما العقوبات التي تُفرض على مُهربي الأطفال غير المصحوبين بطرق غير شرعية؟ وهل تقع عقوبة على المواطن المُهرِب؟
تقع عقوبة رادعة على من يقومون بتهريب المواطنين بطريقة غير شرعية “السماسرة” خصوصًا إذا تسببوا في وفاة أحد الأشخاص، وتم تغليظ العقوبات والغرامات على كل من ارتكب جريمة تهريب المهاجرين أو شرع فيها بطلب من وزارة الخارجية لسنة 2022، ولا تقع أي عقوبة على المواطن المهرب سواء كان مصريًّا أو أجنبيًّا.
ما الخطط التي تتبعها الدولة للحد من ظاهرة هجرة المراهقين غير الشرعية؟
لدينا إستراتيجية 2016 – 2026، ومنذ بضعة أشهر أطلقنا خطة العمل الثالثة والأخيرة لهذه الإستراتيجية تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء، وتتضمن هذه الخطة حملات توعية وتدريب، وملاحقة للمجرمين، وتعاون مع المنظمات الأهلية والوزارات والمجالس المعنية مثل مجلس الأمومة والمرأة والمنظمات الدولية، واتّباع طرق توعية مختلفة للمراهقين والشباب.
ما هي أكثر المحافظات المصرية تصديرًا للهجرة غير الشرعية؟
أكثر المحافظات تصديرًا للهجرة هي: كفر الشيخ، الفيوم، أسيوط، الأقصر، المنيا، البحيرة، الشرقية، الدقهلية، القليوبية، المنوفية، الغربية.
ما الإجراءات التي تتخذها الدولة في حالة اختطاف أحد المراهقين أثناء محاولته الهجرة بطرق غير شرعية؟
لم ترد إلينا حالات مماثلة لهذا الأمر في السابق، ولم نسجل أي وقائع تشير إلى وقوع اختطاف للمهاجرين غير الشرعيين لأي غرض آخر.
وتؤكد المعطيات المتوفرة أن جميع حالات الاختطاف التي تحدث خلال عمليات الهجرة غير الشرعية تهدف إلى جريمة الاتجار بالبشر من دون وجود أي دوافع أخرى وراء ذلك.
ما أبرز أشكال الاستغلال التي يتعرض لها الأطفال غير المصحوبين أثناء الهجرة غير الشرعية؟
لدينا معلومات مؤكدة تفيد بأن هؤلاء الأطفال يتعرضون لمختلف أشكال الاستغلال على يد شبكات إجرامية منظمة، وعلى رأسها تجار المخدرات في الدول الأوروبية، وبالأخص العصابات الإيطالية التي تستغل ضعفهم وصغر سنهم في تنفيذ أنشطة غير قانونية.
ولا يقتصر هذا الاستغلال على تهريب وتوزيع المخدرات، بل يمتد ليشمل جرّهم إلى أعمال غير أخلاقية وممارسات منافية للآداب، مما يعرضهم لانتهاكات جسيمة تمس حقوقهم وسلامتهم.
هل تقع أي عقوبات على الأسر التي تساعد أبناءها على الهجرة غير الشرعية؟
بالتأكيد، ناقش البرلمان فرض عقوبات على الأسر التي تشجع أبناءها على الهجرة غير الشرعية، باعتبارها مسئولة عن قراراتهم وتوجيههم في هذه المرحلة العمرية الحساسة، إلا أنه حتى الآن لم يتم إقرار أي عقوبات رسمية بحق الأسر التي تقوم بذلك.
ما النصائح التي يمكن توجيهها للمراهقين لتوعيتهم بمخاطر الهجرة غير الشرعية وتحذيرهم منها؟
يجب التركيز على دور الأسرة أولًا، فهي المسؤولة عن توجيههم في هذه المرحلة العمرية. لذا يتعين على الأسر توعية أبنائهم بمخاطر الهجرة غير الشرعية و إرشادهم إلي المسارات الآمنة لتحقيق مستقبل مستقر في وطنهم
بالإضافة إلي دور الأسرة، يجب تنظيم حملات توعية في المدارس لتعريف الطلاب بالأخطار الجسمية التي قد يتعرضون لها جراء الهجرة غير الشرعية. كما يجب توضيح الواقع الحالي، حيث الظروف في الدول المستقبلة للهجرة لم تعد مواتية كما كانت سابقًا، خاصة مع التغيرات الاقتصادية و السياسية التي تجعل فرص النجاح والاستقرار في الخارج صعبة للغاية.و من هنا، فإن التوعية المستمرة علي مستوي الأسرة و المؤسسات التعليمية هي أداة ضرورية لمكافحة هذه الظاهرة و حماية الأجيال الناشئة.
