حلم السفر يتحول إلى كابوس..رحلة «يسري» من أسيوط إلى مواجهة الموت والاستغلال في إيطاليا

• فيتشر- كرستين ميلاد

يظل السفر والهجرة حلمًا يراود كل شاب ومراهق، حتى يروي من خاض هذه التجربة المؤلمة كواليسها، فإن وصل حيًّا إلى وجهته، تظل مأساة مواجهته الموت كابوسًا لا يفارق خياله، خاصة إن خاضها في سن صغيرة، هذا ما حدث مع “يسرى” الذي فقد والده؛ فقرر الرحيل عن البلد بأكملها، لكن ما لاقاه في هذه الرحلة بدءًا من انطلاقه بأسيوط وصولًا إلى شواطئ إيطاليا معاناة ما زالت تطارده في أحلامه حتى الآن.

حلم السفر الذي راود “يسري. ص” منذ طفولته تحول إلى معاناة وخطر هدد حياته، فالشاب صاحب الـ 16 عامًا قرر السفر إلى إيطاليا بشكل غير شرعي، لكن ما تعرض له خلال الرحلة “السوداء” على حد وصفه لم يغادر ذهنه حتى الآن.

بدأت رحلة “يسري” من قريته أبنوب بمحافظة أسيوط، إذ اتفق مع “سعداوي”، مُهرب بشر معروف بأسيوط، وروى “يسري” ما حدث، وقال لـ “تحت السن”: ” كان الاتفاق على تهريبي مع المافيا الليبية، وطلب المهرب مني مبلغًا ماليًا كبيرًا”.

قرر “يسري”، السفر بحثًا عن حياة جديدة بعد وفاة والده، وبالفعل جمع المال ودفعها للسفر، واستكمل حديثه قائلاً: “بدأت الرحلة مع مجهولين لمستقبل مجهول، واستغرقت 3 أيام للسفر من أسيوط إلى ليبيا”.

جوع وانتظار الموت

كانت المحطة الأولى ليبيا، وأمضى أسابيع في مخزن مكتظ بالمهاجرين، موضحًا أن أغلبهم من المراهقين، أما عن المعاملة معهم فقد نالوا ضربًا مبرحًا، مضيفًا: “تعرضتُ للضرب لكن كنت أصمت، لأنني لو تكلمت كنت سأتعرض للضرب بشكل أكبر”.

خلال هذه المدة، انعدم الغذاء والمياه بالمخزن، وتابع: “كنت أتقاسم رغيف خبز مع قطعة جبن مع نصف كوب ماء على مدار اليوم، والنوم على أرض باردة، ولم يكن أمامي خيار سوى الصبر”.

وصف أحوال زملائه في المخزن نفسه، قائلاً: “أعينهم كانت مليئة بالخوف، وعندما حان موعد الرحلة، ركبنا قاربًا خشبيًا صغيرًا ومتهالكًا يكتظ به المسافرون بالعشرات في مساحة ضيقة لا تكفي العدد”.

تحمس “يسري” في البداية، بينما يحلم بالوصول إلى شواطئ إيطاليا، لكن هذا الحماس والسعادة لم تدُم، فعند وصولهم إلى جزيرة “سيشليا” اشتدت الأمواج وأثرت على مسار القارب.

واستطرد: “اخترقت المياه القارب من أحد الجوانب، تواجدنا بالمركب 48 شخصًا، خرجنا منه 23 شخصًا فقط، إذ غرق أكثر من نصف المهاجرين”.

استغلال صادم

نجا “يسري” بحياته ووصل إلى إيطاليا، وبسبب خوفه من الترحيل إلى مصر اختفى في الغابة برفقة 3 آخرين.

وأوضح: “عشنا في الغابة لأيام لم نأكل فيها إلا العنب الأحمر فقط، حتى وجدتني امرأة مغربية الجنسية استضافتني معها في المنزل لمدة، كانت كل فترة تأخذني إلى البحر وتتركني واقفاً أمامه وتأخذ معها حقيبتين وتعود بواحدة فقط ثم تقوم بإعطائي 300 يورو”.

في كل مرة لم ينظر إلى الحقيبة التي معه، حتى قرر فتحها في إحدى المرات، وكانت الصدمة عثوره على جماجم بشرية، وتابع: “كانت تستغلني لبيعها”، هرب يُسري من هذه السيدة في الحال من دون أن تعلم أنه اكتشف سرها.

عاد مجددًا إلى الغابة، ثم ذهب ليبحث عن أي عمل يكون شريفًا، وعمل في أكثر من مكان حتى استقر في عمل، قائلاً: “أعمل الآن في مجال المقاولات، وقننت أوضاعي قانونيًّا”.

Back To Top