أنطونيوس ماجد: “النظارة الذكية ابتكاري لمساعدة المكفوفين“
• حوار: فرحة محمد
بدافع شخصي لمساعدة أصحاب الهمم ومحاولة تسخير التكنولوجيا لخدمتهم، قرر الشاب أنطونيوس ماجد، بدلاً من الاستمتاع بالتكنولوجيا كمُستهلِك، الاستفادة منها لدراستها، وفهم آلية عملها، وتقديم ابتكارات خاصة به، مثل النظارة الذكية للمكفوفين، وآلة حاسبة تعمل بالصوت لمساعدة فاقدي أيديهم أو المكفوفين، وسيارة ذكية لمساعدة كبار السن.
وفي حوار خاص يحدثنا عن تطوير مهاراته والمشروعات التي نفذها حتى الآن، والعروض التي تلقاها لدعمه من خارج مصر، وإلى نص الحوار..
في البداية، حدثنا عن نفسك.
أبلغ من العمر 15 عامًا، وأدرس في الصف الأول الثانوي العام.
منذ طفولتي، وأنا شغوف بالاختراعات والتكنولوجيا، وأحب تجربة الأفكار الجديدة وتحويلها إلى واقع، وقد تمكنت حتى الآن من تنفيذ أكثر من 16 مشروعًا.
كيف بدأ شغفك بالاختراعات؟
ترجع البداية عندما كنت أدرس في الصف الرابع الابتدائي، كنت أهوى تفكيك الأجهزة الإلكترونية القديمة لمعرفة كيفية عملها، وفي إحدى المرات صنعت مروحة صغيرة باستخدام قطع صغيرة.
من هنا بدأت رحلتي في البحث والتجربة، وبدأت أجمع الخردة وأعيد استخدامها لصنع نماذج أولية لاختراعاتي.
ما آلية تطوير مهاراتك في هذا المجال؟
اعتمدت بشكل أساسي على التعلم الذاتي من خلال الإنترنت، خاصة مقاطع الفيديو التعليمية عبر “يوتيوب”، وكنت أشاهد شرحًا عن الدوائر الكهربائية والبرمجة وأطبق ما أتعلمه عمليًا.
بالطبع، لم يكن الأمر سهلًا في البداية، ولكن مع الوقت اكتسبت خبرة في التعامل مع الإلكترونيات، وأصبحت قادرًا على تنفيذ مشاريعي بمهارة أكبر.
هل تلقيت دعمًا من أسرتك أو مدرستك خلال رحلتك؟
أسرتي أكبر داعم لي، وشجعني والداي وخالي على الاستمرار، ولم يترددوا في توفير الأدوات التي أحتاجها.
أما المدرسة، فلم أتلقَ دعمًا مباشرًا حتى الآن، ولكنني مازلتُ في بداية المرحلة الثانوية، وأتمنى أن أجد اهتمامًا بالمواهب العلمية في المستقبل.
ما الاختراع الذي تعتبره الأقرب إلى قلبك؟ ولماذا؟
النظارة الذكية للمكفوفين، لأنها لم تكن مجرد فكرة بل كانت استجابة لحاجة حقيقية.
رأيت شخصًا كفيفًا في منطقتنا يواجه صعوبة أثناء السير، ففكرت في اختراع يساعده على التنقل بأمان من دون الحاجة إلى مساعدة الآخرين.
أخبرنا، كيف تعمل هذه النظارة؟
النظارة مزودة بمستشعرات خاصة مصنوعة من قطع الخردة تكتشف العوائق أمام المستخدم، وعند الاقتراب من أي جسم تصدر تنبيهًا صوتيًّا لتحذير الكفيف من وجود عائق أمامه.
حاولتُ أن أجعلها خفيفة الوزن وسهلة الاستخدام، بحيث توفر للكفيف استقلالية أكبر من دون الحاجة إلى شخص آخر لمساعدته.
هل لديك خطط لتطوير هذه النظارة مستقبلًا؟
بالتأكيد، فأنا أعمل حاليًا على نسخة أكثر تطورًا من النظارة، وأسعى لدمج الذكاء الاصطناعي فيها بحيث تكون قادرة على تمييز الألوان لمساعدة الكفيف في اختيار ملابسه، إضافةً إلى قراءة العملات الورقية لمنع حالات النصب.
كما أفكر في ربطها بتطبيق يمكنه التحكم في إضاءة المنزل عبر الأوامر الصوتية، مما يجعلها أكثر فاعلية في حياة المكفوفين.
ما أبرز المشروعات الأخرى التي عملت عليها؟
طوّرت العديد من المشاريع، من بينها آلة حاسبة تعمل بالصوت لمساعدة الأشخاص الذين فقدوا القدرة على استخدام أيديهم، وسيارة إطفاء ذاتية التشغيل تستشعر وجود الحريق وتتحرك نحوه لإخماده.
كما ابتكرتُ سيارة ذكية تساعد كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة على التنقل بسهولة عبر تجنب الطرق المزدحمة والقيادة الذاتية.
ما أصعب التحديات التي واجهتك أثناء تنفيذ ابتكاراتك؟
أكبر تحدٍّ كان نقص الإمكانات، فكنتُ أضطر إلى استخدام خامات مثل الكرتون والأقراص المدمجة (CDs) في بعض النماذج الأولية.
أيضًا تسجيل براءة الاختراع يعد أمرًا مكلفًا للغاية، إذ تبلغ تكلفة تسجيل الاختراع الواحد 25 ألف جنيه، وهو مبلغ كبير بالنسبة إليّ.
هل تلقيت عروضًا من جهات خارجية لدعم مشاريعك؟
نعم، تلقيت عرضًا من إحدى الجهات في الإمارات، وعرضوا عليّ السفر للعمل هناك والمشاركة في تطوير مشاريعي مقابل الحصول على 50% من حقوق الاختراعات، لكن كان من الشروط أن أترك مصر، وأستقر هناك بشكل دائم، وهذا ما جعلني أرفض؛ لأنني لا أريد الابتعاد عن أسرتي وبلدي.
كيف تؤثر التحديات على طموحاتك؟
أواجه صعوبات كثيرة، ولكنني أؤمن أن لكل مشكلة حلًّا، وأسعى دائمًا للبحث عن بدائل تمكنني من تحقيق حلمي، حتى لو كان الأمر يتطلب وقتًا أطول أو مجهودًا أكبر.
مع كل هذه المشروعات، كيف تستطيع التوفيق بين دراستك والعمل على الاختراعات؟
الأمر لم يكن سهلًا في البداية، خاصة مع كثرة المشاغل والالتزامات، لكن نظمت وقتي عبر تخصيص ثلاثة أيام في الأسبوع للاختراعات، وهي: “الخميس، والجمعة، والسبت”، بينما أركز على دراستي خلال باقي أيام الأسبوع، وبهذه الطريقة تمكنت من تحقيق التوازن بين الاثنين.
ما حلمك الأكبر الذي تسعى لتحقيقه؟
أحلم بإنشاء مصنع خاص بي لإنتاج اختراعاتي على نطاق واسع، لكي تصبح متاحة للناس الذين يحتاجون إليها.
كما أتمنى المساهمة في تطوير حلول تكنولوجية تساعد ذوي الهمم على التغلب على التحديات التي تواجههم في حياتهم اليومية.
من خلال تجربتك، ما الذي يفتقر وجوده المخترعون المراهقون في مصر؟
أرى أن المبتكرين المراهقين يحتاجون إلى بيئة داعمة تساعدهم على تحويل أفكارهم إلى مشروعات حقيقية، مثل توفير مراكز بحثية متخصصة، وتقديم دعم مادي للمشروعات الواعدة، إضافةً إلى تسهيل إجراءات تسجيل براءات الاختراع حتى لا يضطر المراهق إلى التفكير في السفر إلى الخارج بحثًا عن الفرص.
وأخيرًا، ما رسالتك لكل مراهق لديه فكرة مبتكرة ولكنه يخشى الفشل؟
أقول له: لا تخف من الفشل، فجميع المبتكرين العظماء مروا بتجارب لم تنجح، ولكنهم استمروا في المحاولة حتى وصلوا إلى أهدافهم، والأهم هو الإصرار والتعلم المستمر، لأن المحاولة خطوة نحو النجاح.
