المراهق عبد الرحمن بطاح: نجوتُ من الحرب بلقب «أقوى مراسل
• حوار: مريم عمرو – شيماء عبدالباقي
هاتف ومعدات ذات إمكانات متواضعة، كانت شاهدةً على توثيق أحداث الحرب في شمال غزة، بعدما تمكن صاحبها المراهق عبد الرحمن بطاح وشهرته “عبود” من نقل الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بالقطاع، ليتمكن من توثيقها لحظةً بلحظةٍ؛ ورغم غياب معدات الأمان لديه وفقدانه شارة الصحفيين، فإنه بذلك نافس أشهر المراسلين الإخباريين، ورغم فقدانه أحلامه وآماله منذ السابع من أكتوبر 2023، فإنه وجد في عمله التوثيقي شغفه، محققًا شهرة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن لم يسلم من المخاطر وتعرض للاعتقال من قبل قوات الاحتلال، وبعد خروجه لم يرضخ للتھدید، وواصل نقل الأخبار حتى تنفيذ اتفاقية وقف إطلاق النار في يناير 2025.
وفي حوار خاص لمجلة «تحت السن» يروي لنا عبد الرحمن بطاح، المراسل الصغير، كواليس عمله التوثيقي، والتهديدات التي تعرض لها حتى أصبح “صوت غزة”.
كيف بدأت تجربتك في نقل الأخبار؟
في بداية أحداث الحرب، عشنا ظروفًا عصيبة في شمال قطاع غزة، حيث كنا قريبين من مناطق الاحتلال، مما جعلنا نعيش في خوف دائم بسبب القصف المستمر. في تلك اللحظات، قررت أن أنشر أول فيديو لي، لكي يعلم الناس بما نمر به، ولكي يشاهد العالم بأكمله العدوان الذي نتعرض له.
وكيف أثرت الحرب في شخصیة «عبود»؟
الحرب غيرتني كثيرًا، لقد نضجنا، فليس من السهل أن يعيش الأنسان 470يومًا تحت القصف، نازحًا، جائعًا، وفاقدًا للأحبه دون أن يتغير، لم يبقَ أحد كما كان، فقدنا بيوتنا، عائلاتنا، أصدقائنا، وجيراننا، كل شيء تحول إلي ذكرى.
في البدایة.. أيّ منصة استخدمتَ للوصول إلى جمهور أكبر؟
بدأت بنشر يومياتي علي إنستجرام، و بعد تصوير أول فيديو عن الحرب، حولت حسابي إلي منصة لتوثيق الأحداث، مما ساعدني في الوصول إلي جمهور أوسع، ولقبني الجمهور بأقوي صحفي في العالم.
من كان أكثر الداعمين لك في ھذه الفترة؟ وكيف كان يدعمك؟
كان أخي الكبير علي بطاح أول الداعمين لي في فكرة تصویر الفیدیوهات ونقل الأخبار، كان يساعدني ویحمیني، ويوفر لي كل المعدات والأشياء التي احتجتھا، وكان يصور لي في بعض الأحيان.
كيف كانت بدايتك في بث المحتوى عن غزة؟
كان أول فيديو لي عن هجوم 7أكتوبر، حيث وثقت لحظات إطلاق الصواريخ، والأصوات في السماء، ومشاهد الضرب والقبض علي الأسرى. وقد حقق هذا الفيديو 6ملايين مشاهدة، وهو ما أعتبره من أهم وأجمل المقاطع التي نشرتها، بسبب عفويته.
ما الذكرى التي لن تنساها منذ ھذه الأيام القاسية؟
ثلاثة تواريخ لن أنساها أبدًا: اعتقال أبن عمي وصديق عمري في 12ديسمبر 2023، استشهاد صديقي إبراهيم أبو لبن في 31أغسطس 2024،الذي كان يشجعني دائمًا علي إيصال صوت غزة، و اعتقالي في 25أكتوبر 2024من داخل مستشفي كمال عدوان.
كم مرةً تعرّضتَ للاعتقال؟
مرتان، المرة الأولى كانت بداية الحرب، خلال الھجوم على الشمال. لم يكن اعتقالًا بالمعنى الحرفي، كان حصارًا واحتجازًا تحت تهديد السلاح وبعدها أطلقوا سراحنا، لم أشعر بالخوف حينها. المرة الثانية بعد حصار مستشفى كمال عدوان، حيث تم اعتقالي والقبض عليّ. شعرت بالخوف هذه المرة لأنهم تعرفوا عليّ وهددوني بشكل مباشر.
وماذا حدث في یوم اعتقالك من مستشفى كمال عدوان؟
في تاريخ 25 أكتوبر 2024، وبعد حصار دام أكثر من أسبوع، اقتحمت قوات الاحتلال مستشفي كمال عدوان ، واعتقلتني مع الكوادر الطبية والمدنيين، وتعرف عليّ جنود الاحتلال وهددوني.
ما أول شيء فعلته بعد ھدنة وقف إطلاق النار؟
رجعت إلى مخيم جباليا في الشمال، وركضت نحو بيتي، رغم معرفتي أن جنود الاحتلال قصفوه وحرقوه، وتم تدميره بشكل كامل، ولكني كنت سعيدًا ومشتاقًا إليه، والآن أنا موجود في منزلي، ولن أتركه مهما حدث.
ختامًا.. ما النصيحة التي تحب توجیھھا للمراھقین في نفس عمرك بالوطن العربي؟
نصيحتي لشباب الوطن العربي اجعلوا رضا الله هدفكم، و ابحثوا عن سعادتكم، وقدّروا أهلكم. لا تتخلوا عن أحلامكم مهما كانت قسوة الظروف.
