برلمان الطلائع.. مصنع القادة في سن الزهور

مدير إدارة برلمان الطلائع:”يخوض المشاركون تجربة محاكاة حقيقية لمجلس النواب

• تقرير : إسلام حلمي، يوسف أشرف، چني وليد

بين أحلام الطفولة وأصوات القاعة البرلمانية، يجلس مئات الفتيان والفتيات يتحدثون عن قضايا الوطن، ويخوضون تجربة ديمقراطية فريدة، ربما تكون الخطوة الأولى نحو مقعد حقيقي تحت قبة البرلمان، إنه “برلمان الطلائع” التابع لوزارة الشباب والرياضة، مشروع تربوي تثقيفي يهدف إلى غرس مفاهيم المشاركة والمواطنة في نفوس الأطفال والشباب منذ سن مبكرة.

وبحسب ما أوضحه مدير إدارة برلمان الطلائع بوزارة الشباب والرياضة، عاطف سالم، فإن البرنامج يستهدف الأطفال من سن 10 إلى 18 عامًا، بعد أن تم تعديل السن هذا العام ليشمل فئة أوسع، بشرط أن يكون الطفل عضوًا بمركز شباب أو نادٍ رياضي أو طالبًا مسجلًا في مدرسة تابعة لوزارة التربية والتعليم أو المعاهد الأزهرية، وقد بلغ عدد المسجلين في الدورة الحالية 55,670 مشاركًا.

ويخوض المشاركون تجربة محاكاة حقيقية لمجلس النواب، تشمل نظام الانتخابات الفردية والقوائم والتعيين، كما يتم تدريبهم على آليات العمل البرلماني من تقديم الاستجوابات وطلبات الإحاطة والمناقشات العامة وحتى صياغة مقترحات القوانين، وأكد “سالم”، أن كل هذه التطبيقات يتم تنفيذها داخل النموذج بشكل عملي.

آليات عمل البرلمان

التأهيل لا يقتصر على الجانب النظري، بل يمتد إلى ورش عمل وتدريبات منتظمة داخل مراكز الشباب والأندية على مدار العام، يتعلم خلالها المشاركون مهارات القيادة، وإدارة الحوار، والعمل الجماعي، ويتم إعدادهم تدريجيًا للمرحلة التالية من الحياة البرلمانية، وهي برلمان الشباب للفئة العمرية من 18 إلى 24 عامًا.

ونوه بأن البرلمان واكب الطفرة التكنولوجية، حيث تم إدخال نظام التصويت الإلكتروني عن بُعد لأول مرة هذا العام، وأوضح عاطف سالم، أن التصويت أصبح ممكنًا من المنزل أو المدرسة باستخدام أجهزة الكمبيوتر من دون الحاجة للتوجه إلى المقرات؛ مما سهّل عملية المشاركة، وأتاحها لعدد أكبر من الطلائع في مختلف المحافظات.

أصوات صنعت فرق

من أبرز نتائج البرنامج، بروز عدد من المشاركين السابقين في مواقع قيادية مؤثرة، كما أشار “سالم”، إلى أن من خريجي البرلمان: المهندس محمد السباعي، عضو مجلس الشيوخ، والدكتور بلال حرش، نائب محافظ بني سويف، إلى جانب عدد من رؤساء مجالس إدارات الأندية، الذين بدأوا خطواتهم الأولى من داخل هذا البرنامج.

ومن التجارب الملهمة أيضًا، تجربة عبدالرحمن عيسى، أحد خريجي برلمان الطلائع، الذي بدأ مشاركته في سن مبكرة داخل النموذج، وتمكن من صقل مهاراته القيادية والسياسية حتى أصبح اليوم نائب رئيس اتحاد شباب الأقصر، ويؤكد “عبد الرحمن”، أن مشاركته في البرلمان كانت نقطة التحول في وعيه السياسي، وأنه يسعى الآن لرد الجميل عبر دعم مشاركات الطلائع الجدد في محافظته.

عبدالرحمن عيسي أحد خريجي برلمان الطلائع

ينتشر برلمان الطلائع في جميع محافظات الجمهورية، ويضم حاليًا 25 لجنة نوعية و596 عضوًا، ويوضح رئيس مجلس أمناء اتحاد “بشبابها”، محمد محمود، أن التجربة بدأت بعدد محدود من اللجان ثم توسعت تدريجيًا حتى أصبحت نموذجًا يحتذى به في نشر الثقافة البرلمانية على مستوى الدولة بالكامل.

مشاركه بلا حواجز

من أجل الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأطفال، يعتمد البرنامج على الكوادر البرلمانية السابقة، الذين ينزلون إلى المدارس ومراكز الشباب لتعريف زملائهم الصغار بفكرة البرلمان وأهميته، حيث نتج عن هذه الحملة المجتمعية تسجيل عشرات الآلاف من المشاركين الجدد، مما دفع القائمين على المشروع إلى إغلاق باب التقديم مؤقتًا بسبب ضغط السيستم، مع استمرار المشاركة في الأنشطة التدريبية.

وصرح محمد محمود، بأن البرنامج لا يتوقف عند مرحلة الطفولة، بل يُعد تمهيدًا للانتقال إلى برلمان الشباب، الذي يضم الفئة العمرية من 18 إلى 24 عامًا، حيث يُستكمل تدريب الطلائع المتميزين ليصبحوا كوادر سياسية مؤثرة في المجتمع.

أ.محمد محمود رئيس اتحاد بشبابها

يُعد برلمان الطلائع تجربة رائدة في مجال إعداد النشء سياسيًا ومجتمعيًا، حيث يجمع بين التثقيف والممارسة الواقعية في بيئة آمنة تحاكي العمل البرلماني الحقيقي، ومع التطوير المستمر الذي يشهده البرنامج – سواء من خلال التوسع الرقمي أو توسيع قاعدة المشاركة – تتجه وزارة الشباب والرياضة نحو ترسيخ ثقافة الحوار والمواطنة المبكرة؛ بهدف تخريج جيل جديد من القادة يحملون الوعي والمسئولية، ويملكون أدوات التأثير في حاضرهم ومستقبلهم.

Back To Top