مقال – كرستين ميلاد

“الغِنى غنى النفس، والفقر فقر العقل”، لكن في واقعنا الحالي، ومع ظهور وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي يبدو أن الفروق الطبقية لم تعُد مجرد تفاوت في المال بل أصبحت عاملاً نفسيًا واجتماعيًا يؤثر على طريقة تفكير وسلوك المراهقين، فأصبح من يملك الهاتف “أبو تفاحة”، ومن يرتدي “البراندات” هو الشخص الكاريزما الذي يستحق الصداقة والاحترام، بينما من يركب المواصلات العامة والملابس العادية، ومن يدخل المدارس الحكومية مجرد فقير اجتماعيًا وبلغة المراهقين “من الطبقة المتكحرتة”

لم يعد لا الذكاء ولا الأخلاق من العوامل المؤثرة في تحديد مكانة المراهق بين أصدقائه، بل أصبح السؤال الأهم بالنسبة إليهم “أنتَ لابس إيه؟”، “موبايلك كام كاميرا؟”، “الصيف السنة دي ساحل ولا جونة؟”، “بتروح لثيرابيست ولا لايف كوتش؟” وكثير من الأسئلة على نفس المقياس.

أفكر في المراهق المسكين الذي لم يحالفه الحظ، ولم يولد في فمه ملعقة من الذهب، فكم يواجه تحديات يومية للحفاظ على احترامه لنفسه، وتقديره لظروفه المعيشية التي ليس له ذنب فيها، فكرت في شعوره عندما يسأله أحد أي سؤال من هذه الأسئلة، فهل سيكذب عليهم، أم سيتقن تبريرات اختياراته مثل “أنا بحب البس حاجات بسيطة” أو “ده استايلي”.

الآباء أنواع، فيوجد من يعلم أبناءه أنه ليس لمجرد أننا نملك مالًا أكثر من غيرنا فإننا نقوم بتعييرهم أو التعالي عليهم، وهناك نوع آخر يعلم أبناءه بأن ذلك فقير لا تتكلم معه ولا تصاحبه “ده مش من مستوانا”، وخاصة إذا أحب مراهق غني فتاة فقيرة أو العكس، وهناك من يخشى على أولاده من صداقة الأغنياء اعتقادًا منه “بأنهم هيبوظوا أخلاقه!”. أعتقد أننا لن نستطيع حل النزاعات والصراعات الداخلية _أكثر منها خارجية_ بين الطبقات، لذلك عزيزي المراهق إذا سألك أحدهم يومًا ما أي سؤال له علاقة بالطبقات الاجتماعية، فانظر له بثقة وقُل له المثل الشعبي العظيم “اللي عنده دم أحسن من اللي عنده عزبة”.

Back To Top