خبيرة الموضة: “بدأت بعض العلامات التجارية في تقديم مقاسات خاصة تُعرف بـ “مقاسات المراهقين“
• تقرير: مريم الحسيني – مريم سمير
أصبحت الموضة حاليًا أكثر من مجرد اختيار للملابس، حيث تحولت إلى وسيلة للتعبير عن الهُويّة والانتماء الاجتماعي، ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، لم يعد المراهقون يعتمدون فقط على ذوقهم الشخصي في اختيار أزيائهم، بل أصبحوا يتأثرون بـ “التريندات” وآراء المشاهير، مما خلق تحديات نفسية واجتماعية جديدة.
مما يدفعنا إلى تسليط الضوء على تأثير الموضة على المراهقين، من خلال آراء الأهالي والمراهقين وخُبراء الموضة لتفسير كيف تُشكل الملابس طريقة تفاعلهم مع المجتمع؟ وكيف يواجهون الضغوط المتعلقة بالمظهر؟
حدثتنا شيماء رأفت، ولية أمر، عن تأثير الضغوط الاجتماعية على ابنتها “مريم”، مؤكدةً أن الأمر لا يقتصر على السوشيال ميديا، بل يمتد إلى التفاعلات اليومية.
وأوضحت أن ابنتها تقلد صديقاتها لتجنب التعليقات السلبية، قائلة: “ابنتي تخبرني بأنها تريد ارتداء ملابس مماثلة لما ترتديه زميلاتها حتى لا تشعر بالاختلاف”.
وأضافت أن التنمر المرتبط بالمظهر أثر على ثقة “مريم” بنفسها، حيث قالت لها ذات يوم إنها تكره جسدها بسبب تعليقات زميلاتها.
وعلّقت بحزن: “ما أصعب أن ترى ابنتك تتألم بسبب مقاييس جمال غير منطقية فرضها المجتمع!”.
أما شريهان محمد، ولية أمر، فترى أن الموضة أصبحت تضع قيودًا على المراهقين بدلًا من أن تمنحهم حرية التعبير عن أنفسهم، فهي تعتقد أن التركيز الكبير على الشكل الخارجي يجعل المراهقين يقيّمون بعضهم بناءً على المظهر فقط، مما يزيد شعورهم بعدم الأمان.
وتقول: “أصبحت الصداقات تُبنى على أساس الشكل وليس الشخصية، وهذا دليل على مشكلة مجتمعية أكبر تضع الأهل في صراع مستمر مع أبنائهم لإقناعهم بأن قيمتهم لا تعتمد فقط على مظهرهم”.
رؤية مشوشة
يرى المراهقون الموضة سلاحًا ذا حدين؛ فهي تعبير عن الذات لكنها قد تشكل ضغطًا اجتماعيًا، وتؤكد مريم سامح، مراهقة، ذلك بقولها: “عندما أرتدي شيئًا منتشرًا على تيك توك، أتلقى إعجاب زميلاتي، لكن ذلك لا يحدد قيمتي”.
ورغم ذلك، فإنها واجهت انتقادات لكون ملابسها “محتشمة أكثر من اللازم”، أو غير مواكبة للصيحات، مما جعلها تدرك استحالة إرضاء الجميع.
وكشف أحمد طارق، مراهق، أن الموضة أصبحت عاملًا في القبول الاجتماعي، حيث يُنظر لمن لا يواكب “التريندات” على أنه غير مواكب للعصر، قائلًا: “حتى إن لم أهتم بالموضة، أشعر أحيانًا بأنني مضطر إلى مواكبتها حتى لا أكون مختلفًا”.
أما “جودي”، مراهقة، فتعترف بتأثرها بالسوشيال ميديا، مشيرة إلى أنها اتّبعت صيحات غريبة لمجرد انتشارها، لكنها تنزعج عندما يقلدها الآخرون من دون أن يكون لهم ذوقهم الخاص.
وتؤكد مريم شريف، مراهقة، أن المجتمع يضغط على الفتيات فيما يخص المظهر، متمنية أن يقمن بارتداء ما يشأن دون أحكام مسبقة.
تعكس هذه الآراء كيف أصبحت الموضة جزءًا من هُويّة المراهقين وطريقة تقييمهم اجتماعيًا، حيث تفرض معايير الجمال المتغيرة ضغوطًا نفسية عليهم.
وبينما يحاول الآباء تعزيز ثقة أبنائهم بأنفسهم، يواجه المراهقون صراعًا بين التعبير عن ذاتهم والخوف من النقد، لذا يبقى التحدي في تحقيق التوازن بين مواكبة العصر والاحتفاظ بالهوية الفردية، حتى تصبح الموضة وسيلة لتعزيز الثقة بدلًا من أن تكون مصدرًا للضغط.
تقليد أعمى
تؤكد نرمين الإتربي، خبيرة موضة، أن المجتمع ونظرة الآخرين هما الأكثر تأثيرًا على اختيارات المراهقين، حيث يسعوا دائمًا لمواكبة الموضة والترند، بغض النظر عن مدى مناسبتها لشكل أجسامهم أو جمالها الحقيقي، فالأهم لديهم هو أن يكونوا على الموضة من دون تفكير في التفاصيل الأخرى.
أما عن أبرز الصيحات حاليًا، توضح “الإتربي”، أن الملابس الواسعة هي الأكثر انتشارًا بين المراهقين حاليًا، حيث يُعد “الهودي” قطعة أساسية في الشتاء، بينما تفضل البنات غير المحجبات “الكروب توب”، وتنسقه المحجبات مع ملابس ضيقة نسبيًا وجينز واسع.
وتشير إلى أن الموضة أصبحت موحدة بين المراهقين، بغض النظر عن بيئتهم الاجتماعية، بسبب تأثير السوشيال ميديا، حيث يقلدون صانعي المحتوى والمشاهير، حتى أن بعض الملابس تُعرف بأسماء المشاهير الذين ارتدوها.
وتؤكد “الإتربي”، على أهمية اختيار الملابس التي تناسب شكل الجسم والأسلوب الشخصي، وليس فقط مواكبة الصيحات، مشيرة إلى أن بعض المحجبات يرتدين ملابس غير مناسبة مع الحجاب.
وعن القطع الأساسية، توضح أن الأولاد يحتاجون إلى “بنطلون جينز مريح، بنطلون أسود، وكوتشي، وطقم كلاسيكي”، بينما تحتاج البنات إلى (basics)بألوان محايدة مثل: “الأبيض، الأسود، والبيج” لسهولة التنسيق، كما أصبح المراهقون يميلوا إلى الألوان الداكنة مثل الأسود والكحلي، مع انتشار الجواكت الجلد والجينز.
وتنصح المراهقين الذين يحبون تجربة أنماط جديدة بأن يخوضوا التجربة، ولكن مع التأكد مما إذا كانت تناسب أسلوبهم وشخصياتهم أم لا.
كما تؤكد على ضرورة احترام اختلافات البيئات الاجتماعية، فبعض الأنماط الغريبة، مثل البناطيل الممزقة، قد تكون مناسبة في أوروبا لكنها غير ملائمة لمجتمعنا.
ملابس محيرة
تُعد صناعة ملابس المراهقين تحديًا كبيرًا بسبب طبيعة نموهم المتغير وعدم استقرار مقاساتهم، فبخلاف الأطفال من ذوي المقاسات الثابتة أو البالغين المستقرين نسبيًا، يواجه المراهقون صعوبة في العثور على ملابس تناسبهم بدقة، حيث يختلفون في البنية والطول.
استجابةً لهذا، بدأت بعض العلامات التجارية في تقديم مقاسات خاصة تُعرف بـ “مقاسات المراهقين”، تتوسط بين مقاسات الأطفال والبالغين لتناسب هذه الفئة العمرية بشكل أدق.
ورغم ذلك، فلا يزال العديد من المراهقين يلجأوا إلى تعديل الملابس بعد شرائها لعدم توافق المقاسات المتوفرة معهم تمامًا.
محصلة القول، فإن عالم الأزياء لم يعد مجرد وسيلة للتعبير الشخصي، بل أصبح مرآة تعكس التحديات النفسية والاجتماعية المتزايدة التي يواجهها الشباب اليوم.
بينما تسعى الفتيات والفتيان إلى مواكبة الترندات، يزداد الضغط عليهم من قبل المجتمع ووسائل التواصل الاجتماعي، مما قد يؤثر سلبًا على ثقتهم بأنفسهم وهوياتهم.
من الضروري أن تعزز الأسر والمدارس قيم الثقة بالنفس، وأن تشجع المراهقين على التعبير عن أنفسهم بأسلوب يتناسب مع شخصياتهم، بعيدًا عن الضغوط الاجتماعية.
وعلى صناعة الأزياء أن تأخذ هذا بعين الاعتبار من خلال تقديم ملابس تلبّي احتياجات المراهقين البدنية والنفسية، وتراعي اختلافاتهم الاجتماعية والثقافية؛ لذلك، يجب أن تكون الموضة وسيلة لتشجيع الإبداع وتعزيز الثقة، بدلاً من كونها مصدر ضغط أو حواجز اجتماعية جديدة.
